الفايروسات

الفيروسات لها فوائد وليست دائما سبب الخسائر

تطورت الميكروبات البدائية على كوكب الارض منذ مايقرب من ثلاثة مليارات عام، غير ان الانسان لم يتمكن من عزلها الا في اواخر القرن التاسع عشر. وفي عام 1939 اخترع المجهر الالكتروني، وعندها تم التعرف بدقة على تركيب الفايروس فتبين انها فئة فريدة من الميكروب. فالفيروسات ليست خلايا وانما جسيمات تتكون من غطاء بروتيني يحيط بمادتها الوراثية ويحميها وهي تقوم باختطاف عضيات الخلية لتستخدم منها ما تحتاج اليه من كائنات حية اخرى .

والفيروسات نوعان:

فيروسات DNA

وهذا النوع يستخدم بروتينات الخلية المستضيفة له، حيث تعمل على تحول DNA الى mRNA ليصبح حمض نووي جديد للفيروسات الجديدة التي ستنولد و ما ان تكمل دورة تكاثرها وتنتج الالاف من الفيروسات الجديدة داخل الخلية حتى تنفجر كي تطلق صراحها فتموت الخلية لا محالة.

او بدلا من ذلك تغادر الفيروسات الجديدة الخلية باسلوب اكثر هدوءاً بان تتبرعم من خلال ثغور الغشاء الخلوي وفي هذه الحالة تنجو الخلية من الموت وتؤدي وظيفة مخزن للعدوى الفيروسية

فيروسات RNA:

هذا النوع يسبق فيروسات DNA بخطوة وهي امتلاكها بالفعل شفرتها الوراثية الخاصة بها في صورة RNA لما كانت تحمل معها الانزيمات التي تمكن RNA الخاص بها ان يستنسخ ويترجم الى بروتينات فان لهذا السبب ليست شديدة الاعتماد على الانزيمات الخلوية وكثيرا ما تكمل دورة حياتها داخل السايتوبلازم دون ان تتسبب في خلل مؤثر بالخلية.

كيف تصيب هذه الفيروسات الخلايا سواء كانت نباتية ام حيوانية؟

الفيروسات النباتات: اما ان تدخل الخلايا من خلال ثغرة في الجدار الخلوي او تحقن بواسطة ابرة حشرة ناقلة ماصة للعصارة النباتية مثل حشرة المن والتي تنتشر من خلية الى اخرى عبر الرابطات الهيوليه (هي المسام التي تنقل الجزيئات بين الخلايا ).

الفيروسات الحيوانات: تصيب الخلايا بالعدوى عن طريق الاتحاد مع جزيئات مستقبلات خاصة موجودة فوق سطح الخلية (المستقبل الخلوي) اشبه بالقفل والفيروسات التي تحمل المفتاح الصحيح الذي يمكنها من الاتحاد مع المستقبل وهي التي تتمكن من فتح القفل والولوج الى تلك الخلية بعينها

ونتيجة هذا الاتحاد -الفيروس بالمستقبل الخلوي المناسب له- يخترق غلاف الخلية فيتحرر جينومه سواء من DNA او RNA  وينطلق داخل الخلية وهدفه ان يتكاثر بنجاح.

وهناك من الفيروسات في العالم ما يفوق عددا جميع اشكال الحياة الاخرى مجتمعة وهي متنوعة على نحو مذهل اذ يقدر عدد انواعها بمائة مليون نوع وتتواجد في كل مكان على الارض ولو ان الفيروسات اختفت جميعها فسنعيش ليوم ونصف

فهل هناك فوائد للفيروسات؟

بالطبع، وما اكثر فوائدها فهي تلعب دورا حيويا في الحفاظ على الحياة فوق كوكب الارض وكالاتي

1-تنتج ما يقارب من نصف كمية الاوكسجين الموجود في العالم

فالعوالق التي تملأ المحيطات تتكون من كائنات دقيقة الحجم منها الفيروسات والبكتيريا وحقيقية النوى وهيه على درجة رفيعة من التكوين حيث تشكل مجتمعات ومنظومات بيئية يعتمد بعضها على بعض ولها عملها و في النهاية هذه العوالق النباتية تؤدي الى انتاج ما يقارب من نصف كمية الاوكسجين الموجود في العالم ومن ثم فانها تمثل اهمية حيوية للاستقرار الكيميائي على سطح الكوكب

2-تتحكم الفيروسات في ديناميكية جميع المجتمعات الرئيسية وتفاعلها فيما بينهما

فالعوالق النباتية تشكل قاعدة لمجمل شبكة الطعام البحري الذي تقتات عليها العوالق الحيوانية التي بدورها تكون فريسة تقتات عليها الاسماك والحيوانات وعن طريق اصابتها بالعدوى وموتها تعيد الفيروسات تنظيم المجتمعات البحرية.

3- تحول سطح المحيط الى اللون الازرق المعتم

فالعالق النباتي (اي هوكسلي) يتعرض بصفة منتظمة لفترات ازهار تحول سطح المحيط الى اللون الازرق المعتم فوق مساحات شاسعة ثم تختفي تلك المناطق المزهرة بنفس سرعة ظهورها والمتحكم في هذه الدورات من الازدهار والاختفاء هي الفيروسات في المجتمع البحري

4-تحجيم تجمعات البكتيريا بعد اصابتها بالعدوى من قبل فيروسات تنتمي الى النوع الملتهم

5-تلعب دور بنوك جينات متنقلة: تشتهر بانها تدمج عن طريق الخطأ جزيئات من RNA من احد العوائل وتنقلها للتالي ومن ثم تنشر المادة الوراثية سريعا بين افراد البكتيريا التي تحتضنها وعندما تكون الجينات المقتنصة جيدة تتكيف سريعا مع التغيرات في مستويات المغذيات او مع الظروف القاسية

6-تسهم بصورة مباشرة في التزايد التدريجي لثاني أوكسيد الكاربون في الغلاف الجوي

-اما عن دور الفيروسات الايجابي في اليابسة

فلها دور مباشر في العلاقة التكافلية بين فصيل بكتيري وعائله وكما في المثال الاتي: حشرة مَنَّ البازلاء تحمل بكتيريا تقيها من الدبور المتطفل الذي يقتل حشرة المن اثناء نمو يرقات الدبور، تنتج البكتيريا سموم تقتل الدبابير النامية، وهذه السموم تعود لفيروسات تصيب الخلية البكتيرية فتنتج السم القاتل للدبابير فهنا تعاونت ثلاث كائنات مع بعضها للقضاء على عدوها المشترك.

لكن صراع الفيروسات مع البشر كان مختلف

كان عليه ان يؤدي بحياة احدهما وعلى الرغم من ان جهاز مناعة الانسان طور من نظامه كثيرا الى ان الفيروسات لا زالت الكائن المسيطر في هذا الصراع

فهناك فيروسات تحولت الى جوائح وانهكت البشر سنذكر منها الحديثة فقط

واولها فيروس سارس: ظهر الفيروس المكلل المسبب لمرض سارس لاول مرة في نوفمبر عام 2002 في فوشان بمقاطعة جوانجدونج بالصين، انتشر في 29 بلدا على امتداد 5 قارات

انتهى بحلول يوليو 2003

فيروس نقص المناعة البشري: انتشر بين البشر منذ بدايات القرن العشرين ولا يزال في ازدياد في مناطق معينة من دول العالم اكتشف لاول مرة في عام 1981 في سان فرانسيسكو الا ان الدراسات حددت منشأ فيروس نقص المناعة البشري عن الانسان في مناطق من افريقيا السوداء ولا سيما كينشاسا بجمهورية الكونغو الديمقراطية باعتبارها مركز انتشار الوباء

فيروس الانفلونزا وهو ابرز مثال على فايروس تصيبة الطفرات مرارا وتكرارا يدور فايروس الانفلونزا على نحو دائم في المجتمع مراكما تغيرات جينية ومسببا نوبات تفشي منتظمة واوبئة اكثر حجما

وقد وقعت خمس جوائح انفلونزا بسبب الطفرات وهي كالتالي

الانفلونزا الاسبانية في عام 1918

الانفلونزا الاسيوية في عام1957

انفلاونزا هونج كونج في عام1968

الانفلونزا الروسية في عام1977

انفلاونزا الخنازير في عام 2009 من المكسيك

اما عن وباء ايبولا في عام 1976 في قرية نائية تقع شمال زائير وتسمى جمهورية الكونغو الديمقراطية

وحتى لحظة كتابتي لهذه السطور فالعالم يعاني من فيروس كورونا الذي انتشر في ديسمبر/كانون الأول 2019 في مدينة ووهان في الصين

وفي شهر ديسمبر/كانون الاول من عام 2020 ظهرت سلالة جديدة من فيروس كورونا المتحول.

و الفيروس الاخير عرف بسرعته على الانتشار والذي غزا العالم اجمع.

الفيروسات
الفيروسات

والسؤال الذي طرحه الكثير هل الفيروسات مصنعة من قبل البشر لاغراض سياسية واجتماعية؟

والجواب من خلال ما اتضح لنا هو ان الفيروسات الجديدة التي تصيب البشر ليست جديدة تماما في واقع الامر فهي :

اما فيروسات اصابتها طفرات وفيروسات  RNA تحدث له طفرات اكثر بكثير من فيروسات  DNA فيراوغ مناعة المستضيف بصورة اكثر كفاءة وفي نهاية المطاف يبزغ فيروس مختلف بقدر كافِ عن اسلافه في بعض الاحيان يسبب وباء

او اعادت تجميع نفسها بصورة كافية كي لا يتعرف عليها جهازنا المناعي.

او اتبعت الاسلوب الاكثر انتشارا حيث تجيئنا من حيوانات اخرى منتهزة الفرصة كي تقفز من نوع حيواني الى اخر عندما يحدث اتصال بينهما ويطلق على الاخير اسم الفيروسات حيوانية المنشأ

اسباب انتشار الفيروسات كثيرة الا ان اهم سبب هو زيادة التعداد السكاني فنقص المساحة ادى الى غزو الاقاليم التي تعد موطنا طبيعيا للحيوانات البرية سواء بقطع اشجار الغابات المطيرة او عمليات الصيد بهدف الحصول على طعام او التوسع في رقعة مدننا الى تعريضنا لخطر الاصابة بفيروسات مجهولة بعضها قد يكون فتاك.

__________

من كتاب الفيروسات للمؤلف دوروثي اتش

https://www.researchgate.net/publication/303916996_Viruses_Inhibit_CO2_Fixation_in_the_Most_Abundant_Phototrophs_on_Earth

3 أفكار عن “الفيروسات لها فوائد وليست دائما سبب الخسائر”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top