5A8064CB EF4E 406D 87C6 DFF93C8C1AA0

استنساخ البشر

نظراً لما ظهر من افكار سينمائية او متلفزة تندد بخطر استنساخ البشر فكان لابد من توضيح هذا الموضوع.

أحيانًا ما لا يحدث يكون مثيرًا للاهتمام اكثر مما يحدث فعلاً، مثل ستنساخ الأجنة البشرية على سبيل المثال.

ويجب ان انوه قبل الاسباغ في تفصيل الموضوع الى وجود نوعيين من الوارثة : الجينية والثقافية، وان استنساخ البشر يرتبط بالنوع الاول من هذه الوراثه الا وهو الجينية.

ان كنت تظن ان موضوع استنساخ البشر هذا مفاجئ فانت بالتاكيد على علم بالاستنساخ الغير بشري (النعجة دوللي)، ولنعد إلى الوراء ما يقرب من 24 عامًا حتى 23 فبراير 1997. 

في ذلك اليوم، تسربت أخبار مفادها أن المجلة العلمية Nature كانت على وشك نشر تقرير عن ولادة أول حيوان ثديي مستنسخ من خلايا بالغة وهو خروف اسمه دوللي. كان العالم مصدومًا، متفاجئًا، خائفًا ومغرورًا.

على الرغم من أن هذا الاستنساخ كان مجرد خروف، إلا أن المناقشة تحولت على الفور إلى استنساخ البشر، وبالتحديد أطفال مصممون مستنسخون وجيوش من العبيد المحاربين المستنسخين وغيرها من افكار الخيال العلمي المجنون. 

وسارعت الحكومات في جميع أنحاء العالم إلى حظر استنساخ البشر أو القول إنها حظرت بالفعل استنساخ البشر، وهو إجراء لم يتم القيام به فعلا (اقصد الاستنساخ) أو حتى تجربته الى ذلك الوقت تقريباً.

ولنعد الى نعجتنا دولي، فكان إنشاء دولي تم بأخذ بيضة من خروف واحد، وإزالة نواتها الحاملة للحمض النووي، ودمج خلية من خروف آخر في البويضة، ثم ضرب البويضة  الناتج بهزة من الكهرباء. 

عندما نجحت هذه التقنية أخيرًا- بعد ما جربها الباحثون 250 مرة دون جدوى- بدأت الخلية الناتجة في النمو والانقسام. وتم زرعها بنجاح في رحم الخروف الاخر ليصبح ام،  وأصبح في النهاية حملًا  صحيًا.

استنساخ غير بشري
النعجة دوللي ( المستنسخ الاول )

في الوقت نفسه، في السنوات الأولى بعد إعلان دوللي، قال العديد من الأشخاص والجماعات إنهم سيقومون باستنساخ البشر. وكان من أوائل هؤلاء هو الفيزيائي المسمى ريتشارد سيد،  والذي اتضح أنه لم يفعل شيئًا، ولم يستنسخ شيئًا بطريقة دوللي، على الرغم من إعلاناته المغطاة جيدًا، الى ان نجحت احد الجماعات الاخرى في الاستنساخ قبله ليتبعهم هو تاليًا، وهو ماسوف نوضحه في هذا المقال. 

ثم اعلن اثنان من OB-GYNS ،Severino Antinori وPanayiotis Zavos، عن عزمهما على إنشاء أول استنساخ بشري في غضون عامين.  قال كلاهما إنهما قد بدآ بنجاح حالات حمل استنساخ بشرية، ولكن لم يعلن أي منهما عن أي ولادة.

كان الأمر الأكثر طرفة على الإطلاق، هو ان الطائفة الدينية المسماة الرالي، أعلنوا أن أمرًا دينيًا من الاعلى طلب منهم المضي قدمًا في استنساخ البشر. 

وعلى حد علمنا، لم تنجح جماعة الرالي الدينية ولا أي شخص آخر في استخدام عملية دوللي، التي تسمى تقنيًا نقل نواة الخلية الجسدية، لاستنساخ البشر.

اما في عام 1997، بعد حوالي ثلاثة أشهر من الإعلان عن ولادة دوللي، أُنشأت المجموعة Clonaid، وهي منظمة مكرسة لهذه الغاية.  بقيادة عالمة الكيمياء الحيوية بريجيت بواسيلير، أدارت مختبرًا في نيترو بولاية فيرجينيا، بهدف الاستنساخ البشر حتى اوقفته إدارة الغذاء والدواء. وبكل شجاعة، نقلت Clonaid عملياتها إلى جزر البهاما.

شاهد ايضاً بعض الحيوانات المتطورة ثقافياً والسمات المشتركة لها مع البشر

في غضون ذلك، كان المزيد من الباحثين التقليديين يكتشفون مدى صعوبة استنساخ الأجنة البشرية أو حتى أجنة الرئيسيات غير البشرية. ولم يحاول هؤلاء الباحثون إنجاب أطفال، بل فقط كانوا يحاولون صنع أجنة بشرية مستنسخة، وكانوا يأملون في إبقائها على قيد الحياة لفترة كافية لصنع خطوط خلايا جذعية جنينية بشرية منها، وهذه الخطوط الخلوية ستكون مهمة للبحث وقد تكون حاسمة للاستخدامات السريرية.

 إذا كان بإمكانهم صنع خلايا أو أنسجة أو أعضاء من خلايا نمت من جنين مستنسخ من مريض محتمل، هكذا ذهب التفكير، فيجب ألا تؤدي هذه الخلايا أو منتجاتها إلى استجابة مناعية عند زرعها في المريض. اذ يمكن أن يجعل ذلك هذه الخلايا والأنسجة والأعضاء مهمة للغاية كعلاج. 

ولكن على الرغم من أن الباحثين نجحوا في إزالة النوى من بيض الرئيسيات (البشرية وغير البشرية) ثم دمجها في خلايا أخرى بنواتها الخاصة، فإن الخلايا الناتجة لن تنقسم إلا بضع مرات. ولم تنجو هذه الخلايا المندمجة لفترة كافية، فبقت حوالي خمسة أو ستة أيام فقط.

في مارس 2004، ذكر هوانج وو سوك، وهو عالم كوري جنوبي وزملاؤه، ذكروا في مجلة ساينس أنهم نجحوا في استنساخ أجنة بشرية واشتقوا سلالات خلايا جذعية جنينية بشرية من اثنتين منهم.

اما في العام التالي، أبلغوا عن إنشاء 11 سلالة من الخلايا الجنينية البشرية من 185 بويضة، باستخدام مجموعة واسعة من المصادر لخلايا أجسامهم. يبدو أن هذا يفتح الباب أمام استخدام نقل نواة الخلية الجسدية لإنشاء خلايا جنينية بشرية، ( يجدر الاشارة هنا الى ان هذه الطريقة تنتج خلايا جذعية)، ومن بينها إنشاء خلايا وأنسجة بشرية متمايزة من خلايا جسم المريض نفسه أو لإنتاج أطفال مستنسخين.إلا أنه لم يفعل ذلك.

ولكن ليس كل الباحثين المهتمين بالاستنساخ على نحو عام يهتمون باستنساخ البشر على نحو خاص، فبعد فترة وجيزة من الإعلان عن ولادة دوللي، عملت شوخرات ميتاليبوف وفريقها بجامعة ولاية أوريغون لصحة الدولة على الاستنساخ، لكن هذه المرة كان الاستنساخ للقرود وباستخدام أكثر من 15000 بيض قرد في محاولة لجعل الأجنة تُستنسخ، وفي عام 2007، أبلغت عن نجاح الخطوط للخلايا الجذعية الجنينية من القرود، وهو اكتشاف تم تكراره بسرعة. ومع ذلك، لم يتمكنوا من جعل هذة الاجنة اطفال قرود بعد.

 ولكن في يناير 2018، أبلغت مجموعة صينية بقيادة تشيانغ صن وشن ليو عن ولادة أول استنساخ قرد. ولم تكن العملية فعالة، حيث أدت الى إحضار حوالي 80 مستنسخ  ونجاح ستة حالات حياتية فقط. وعند ذلك، نجح الاستنساخ الإنجابي لأول مرة عند هذا الحد الأدنى. 

استنساخ غير بشري
صورة اول نسخ حقيقية ناجحة للقرود

وبالرجوع للاستنساخ البشر مرة اخرى فانه استغرق الأمر ست سنوات أخرى لمجموعة ميتاليبوف للإبلاغ بنجاح عن استنساخ الأجنة البشرية، وفي هذه الحالة من الخلايا الجنينية البشرية، ( الطريقة الاخرى )، فعملت مختبرات أخرى بسرعة على تكرار عملهم. ولم يكن ميتاليبوف يقوم بأي احتيال فقد كانت الأجنائه البشرية المستنسخة حقيقية فعلا. 

ولم يبذل ميتاليبوف أي جهد لنقل الأجنة البشرية التي أدلى بها الاستنساخ إلى نساء من أجل الحمل الممكن والولادة، وهذا ما لم نعرف سببه حتى الان.

 اما على جانب اخر فان جماعة Clonaid، في 27 ديسمبر 2002 ، أعلنت المجموعة أن أول طفل مستنسخ – واسمه حواء – قد ولد في اليوم السابق. بحلول عام 2004، ادعت Clonaid أنها نجحت في إحياء 14 مستنسخًا بشريًا، وهذه الإدعاءات غير مصدق عليها على نطاق واسع، ويرجع ذلك جزئيًا إلى أن Clonaid لم تسمح بإجراء اختبار مستقل للأطفال، لانها من المفترض أن تحمي خصوصية الأطفال وعائلاتهم.

فتمكنت بالسر من النجاح بانتاج اول نسخة من طفل بشري فعلياً وتبعها العالم  رتشيلد الذي تمكن سراً هو الاخر من استنساخ بشري ناجح بنفس الطريقة على ارض الواقع، رغم كون الطفل المُستنسخ الاخير يعاني من مجموعة من الامراض والذي ادى بهم الى استخدام تقنية انتاجه، لتعديل الاجنة اللاحقى له، بدلا من الرضى بكونهم انتجوا مستنسخ جديد بينما يمكنهم انتاج المزيد وبشكل محسن. “على الرغم من كون الطرح علمي بحت الا اننا لايمكننا التجرد من المشاعر البشرية العليا والتّذكر دائماً بان هذا الطرح العلمي البحت هو يتحدث عن تجارب استنساخ بشرية حقيقية لاشخاص ولدوا ليكون تجاوب اختبار لتحسين او للعلاج ويحملون امراض ربما لاتُعالج وتكون وراثية بينما في نفس الوقت هم يحملون نفس الشعور البشري العظيم ولهم نفس الحقوق التي لنا”.

لذا كان من الواضح أن العديد من البلدان سوف تتعامل مع الاستنساخ البشري على أنه غير قانوني بطريقة أو بأخرى. لكن الآخرين، الذين لديهم أشياء أكبر تقلقهم، لن يفعلوا ذلك. ولم تتبدد تمامًا الرغبة الملحوظة في البشر المستنسخين.

اما الراوليين المتدينين الذين يفترض انهم ليسوا مهتمين بعد فشلهم بدايتاً في الاستنساخ، أعلنوا أنهم نجحوا في استنساخ 14 طفلاً منذ أكثر من 15 عامًا.

اذن، منذ ما يقرب من سبع سنوات، كان لدى المجتمع العلمي دليلا قويا على أن الأجنة البشرية يمكن استنساخها. وقد عرفنا لمدة عامين أن أجنة القرد المستنسخة يمكن أن تسفر عن قرود الرضع المستنسخة. 

الا ان الاستنساخ الان محظور رسمياً، فبعض الدول حظرته قبل نجاح استنساخ دوللي وبعضها بعدهُ.

والان أشياء عديدة قد تغيرت في عالم الاستنساخ البشري او غير البشري. من ناحية، تم الاخذ بالاعتبار قيمة استخدام الأجنة البشرية المستنسخة لإنتاج خطوط الخلايا الجذعية من شخص بالغ من خلال الخلايا الجذعية الناجمة عنه.

 تم صنعها في البداية باستخدام العديد من الجينات (العديد من البروتينات التي تنتجها بعض هذه الجينات) لتسبب الخلايا العادية، وعادة ما تكون خلايا “جلد”، ليصبح مثلاً للخلايا الجذعية الجنينية.

وهذه الخلايا الجذعية التي أُدلي بها أولا من الفئران في عام 2006 ثم بعد عام من البشر، فمثل هذه الخلايا الجنينية تم إنتاج جميع أنواعها من الخلايا الحية التي يحملها الفرد، مثل زراعة الخلايا الجذعية الجنينية من الأجنة البشرية المستنسخة.

*وان خطوط الخلايا الجذعية الناجم عن النواة أبسط بكثير من صنع خطوط الخلايا الجذعية الجنينية من الأجنة البشرية المستنسخة.

*اما الان، أصبح الاستنساخ غير البشري، إلى حد ما، أمرًا طبيعيًا. وتقدم العديد من الشركات خدمات الاستنساخ للحيوانات الأليفة، خاصة الكلاب أو للماشية.

استنساخ غير بشري
بعض الكلاب المستنسخة بنفس تقنية النعجة دوللي

في الواقع استخدم فريق البولو بطل العالم، لعدة سنوات، المهور المستنسخة. 

الى ان أسواق هذه الشركات ليست ضخمة، لكن هذه الشركات على قيد الحياة. وهم يزعمون أن أمان وفعالية أساليبهم تتحسن باستمرار.

______________________________________________
الكاتب : تمارا الباشا

المصدر

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top