الحضارات الذكية في مجرتنا: معادلة دريك

التاريخ الحديث في البحث عن الحضارات الذكية:

مسألة وجود الحضارات الذكية تمتد الى قرون عديدة حيث كانت موضع نقاش فلسفي ساهم به احد ضحايا العلم في العصور الوسطى Giordano Bruno ذلك نتيجه الى فرضيته الثورية التي دحض من خلالها مركزية الأرض مؤكدا عدم وجود مركز للكون ،وان نظامنا الشمسي ليس الا واحد من الملايين الاخرى التي تحمل الكائنات الذكية.
وغيرها من محاولات Giovanni Schiaparelli الفلكي الايطالي في رصد سطح المريخ مبينا بأن هنالك ما يعتلي السطح وهو ما اسماه ” Canali” وهي اقنية باللغة الايطالية معللا انها قد بنيت من قبل كائنات ذكية ولكن ذلك يقودنا الى بحث اخر في تاريخ الحياة في المريخ, لم تاخذ النظريات جديا الا بعد مرور مئات الأعوام تحديدا 1959 ابتداءا بورقة بحثية للفيزيائيين Giuseppe Cocconi و Philip Morrison من جامعة كورنيل باسم “الاتصالات بين النجوم” يطرحان في بدايتها فرضية بسيطة وتنص على ان “لو علمت الحضارات الذكية اننا هنا سيحاولون التواصل معنا مراعاة لغلافنا الجوي الذي يحجب الموجات ذات الترددات العالية وهي الموجات التي تتواصل بها على الارجح.

و في عام 1960 قام عالم الفلك Frank Drake من المرصد الفلكي الراديوي الوطني بدا العمل في متن المشروع الاول من نوعه (project Ozma) “لترصد الفضائيين” لابحاث SETI وبواسطة تلسكوب tatel الراديوي للبحث عن الاشارات الممكنة من النجوم القريبة الا انه قد خرج دون اي نتائج بعد 200 ساعة من الرصد، و مع ذلك كسب من خلاله صداقه كارل ساغان وقادتهم الى تعاونات مستقبلية.

ولادة معادلة دريك الاستثنائية:

بعد مرور عام من البحث اقرت الاكاديمية الوطنية للعلوم اجتماعا للمهتمين حصرا في البحث عن الحياة الذكية خارج الارض باستضافة فرانك دريك والذي شمل عقولا باهرة من ابرزهم العالم الفلكي Carl Sagan و عالم الكيمياء Melvin Calvin (والذي حاز على جائزة نوبل اثناء المؤتمر) و Jhon Lilly صاحب الكتاب الجدلي الذي يجادل فيه بان الدلافين من الانواع الذكية , واثناء مراجعة جدول المواضيع التي سياخذون بمناقشتها، وجد دريك بانه بامكانه اختصار الاجتماع باكمله في سطر معادلة واحد وهو تلخيص للمواضيع التي سيتم مناقشتها.

هل نحن وحدنا؟ ومن يوجد في الخارج؟

هذه الاسئلة التي طرحها العالم الفلكي فرانك دريك عام 1961 حيث يناقشها في معادلته التي تفترض وجود حضارات ذكية قادرة على التواصل معنا عبر موجات الراديو داخل مجرتنا, تعطي المعادلة فكرة تقريبية لتقدير عدد الحضارات الموجودة وذلك لكون العوامل السبعة التي تنص عليها تخمينية الى حد ما (حتى الان على الاقل)

N = R_*f_pn_ef_lf_if_cL

1. N = عدد الحضارات التي يمكن التواصل معها عبر اشارات الراديو

2. R = معدل النجوم القابل على دعم الحياة الذكية

3. f_{p = النجوم التي تحتوي على انظمة كوكبية (مثل نجمنا الشمس)}

4. n_{e= عدد الكواكب في النظام الشمسي الذي يدعم الحياة فوق سطحه}

5. f_{l = عدد الكواكب التي تحمل حياة فوق سطحها}

6. _if = عدد الكواكب التي تحمل حياة ذكية

7. f_{c = الحضارات الذكية التي بامكانها ارسال اشارات للفضاء}

8. L = طول الفترة الزمنية التي تستغرقها الاشارات للوصول الينا

انظر ايضا: https://youtu.be/MlikCebQSlY

محاولات الانسان في البحث عن الحضارات الذكية:

يونيو 13 عام 2019 تجاوز عدد الكواكب الخارجية المكتشفة 4000 كوكب خارج مجموعتنا الشمسية من بين تريلونات الكواكب والعوالم الاخرى, يتم توزيعها كالاتي:

عام 1984 تم رصد اول قرص كوكبي من الغبار الكوني والغاز حول النجم بيتا بيتكوريس, تم التقاطه بواسطة تلسكوب دو بونت ذو 2.5 متر في مرصد لاس كمباناس في تشيلي

عام 1990 اطلق تلسكوب هابل التابع لوكالة ناسا بتعاون وكالة الفضاء الاوربية مبينا صورة اخرى للكون كما لم نعرفها من قبل وغيرت مفاهيمنا عن ما يحوي الفضاء, قدم اكثر من مليون ملاحظة وبيانات استخدمت لكتابة 18000 من تكوين الكواكب وولادة النجوم وموتها وتصادم المجرات واستكشاف المادة المظلمة..الخ

اعلن Aleksander Wolszczan و Dale Frail عن اكتشافهم الكواكب الخارجية الصخرية الاولى على الاطلاق عام 1992 يدوران حول نجم نابض(PSR B1 257 ) في كوكبة العذراء ولكنهم غير مؤهلين لدعم الحياة العضوية وذلك لتعرضها الى قصف اشعاعات النجم النيتروني الذي تدور حوله

 

عام 2001 عثروا مجموعة من العلماء من جامعة جنيف على اول كوكب داخل “المنطقة الصالحة للسكن” يطلق عليه HD 28185b وهو يدور على نجمه بنفس المسافة التي تدورها الارض وكتلته مقاربة الى كتلة المشتري (يعادل كتلته كتلة الارض ب 318 مرة) ومن الارجح انه يحمل الحياة على سطحه.

 

عام 2003 تم اطلاق تلسكوب الفضاء الكندي MOST وهو مصمم لاكتشاف تغيرات السطوع في النجوم (بالتالي يمكنننا معرفة ان كان النجم يحمل نظام كوكبي ) يليها في العام نفسه Aug 28 اطلاق تلسكوب Spitzer لجمع بيانات الكواكب ودراسه الاغلفة الجوية

 

6 مارس 2009 اطلقت ناسا مهمة كبلر لاكتشاف الكواكب على متن صاروخ دلتا من محطة كيب كانافيرال الجوية في فلوريدا, بدات هذه المهمة باكتشافات مدهشة وقدمت دليلا على انتشار اشباه الارض بكثرة داخل الكون, من ابرز انجازاته اعتمد علماء الفلك على بياناته لانشاء اول خريطة سحابة خارج مجموعتنا الشمسية, رصد اول كوكب صخري, واول كوكب بحجم الارض عام 2014 يقع في المنطقة الصالحة للسكن ومن الممكن تواجد السائل على سطحه ويدور حول نجم نصف حجم شمسنا بينما حجمه اكبر بنسبه 10% على بعد 500 سنة ضوئية فقط

 

تواصل مهمة كبلر بالاكتشافات الرائعة لرصدها “الكواكب الخارقة” والعثور على اكثر من 2500 كوكب ورصده ل530506 نجمة ليفتح اعيننا الى امكانيات واحتمالات عديدة! بعد 9 سنوات تقطع ناسا الاتصالات مع المركبة الفضائية كبلر بعد نفاذ وقودها عام 2018

عمليات الرصد والبحث:

كيف يبحث الفلكيون والعلماء عن الاشارات الفضائية؟ يقوم البشر بالتواصل عبر اشارات الراديو الموجود في الهاتف الذي تحمله بيدك الان , البث الاذاعي, التلفزيونات, وحتى الفرن الكهربائي وقد تصل احد هذه الاشارات الى الفضاء لتلقطها احد الحضارات المجهولة وتحاول الاتصال بنا بالمقابل!

وبهذه الطريقة يبحث العلماء في السماء عن اي موجات راديو يمكن لمحطات الرصد التقاطها وتعد هذه الوسيلة هي الوسيلة الامثل.

او من اطباق الاقمار الصناعية شديدة الحساسية ويمكنهم استخدامها اما من خلال مسح مساحات واسعة من السماء والعثور على اعداد عظيمة من الاجرام الكونية ولكن عيب هذه الطريقة هو كونها لاتركز بمنطقة معينة من السماء بل تلتقط الاشارات اكثرها قوة فقط او من خلال عملية البحث المستهدف حيث تقودهم الى دراسة الاجسام بتفاصيل ادق.

نجاحات اكتشاف الكواكب تخبرنا وتؤكد لنا ان مجرتنا تعج بترليونات الكواكب الخارجية ومن جهة اخرى تخبرنا معادلة دريك بان احد هذه الكواكب لابد من حمله مظهر من مظاهر الحضارات الذكية لكن العثور عليها ليس بالامر السهل, فالملايين من الاميال و السنين الضوئية التي تفصلنا عن هذه الكواكب وعدم اشعاع ضوء خاص بها ووزنها الخفيف مقارنة بوزن نجمها المضيف جميعها عوامل تضعف امكانيتنا بالعبور الى خارج نظامنا الشمسي.

يقوم برنامج ناسا exoplanet exploration باستعمال عشرات التلسكوبات الفضائية والارضية لاصطياد الكواكب الخارجية, وغيرها من التلسكوبات التي تدرس حاليا بعض الكواكب, وتقوم محطات المراصد بالبحث والتنقيب ومسح السماء على ممر الساعات لاجراء الملاحظات الفلكية مثل مراصد ناسا للاشعة تحت الحمراء ومراصد كيك في هاواي.

المصادر:

المصدر 1

المصدر 2

المصدر 3

المصدر 4

المصدر 5

المصدر 6

المصدر 7

المصدر 8