منذ فجر التاريخ ساد الفضول البشرية و ألهمها التفكير و التفكر في شتى الأمور , منذ الشرارة الأولى التي ولدت النار و حتى السفر الى اقصى النجوم , و في مرحلة ما بين هذين الحدثين سأل الانسان أولا و قبل كل شيء :
(ما هو شكل الأرض ؟), و لماذا شكل الكواكب اقرب الى الكروي ؟
سؤال دفع نخبة المجتمعات البشرية القديمة الى التفكر فيه محاولين الإجابة عنه بصورة منطقية , فكانت أولى المحاولات التي تستحق الذكر هي لعالم الرياضيات الاغريقي إراتوستينس حيث تتضمن تجربته وضع عامودين , الأول في مدينة الإسكندرية و الثاني في مدينة اسوان حيث المسافة بينهما تقريبا (843.36 km ) , تضمنت التجربة فرضيتان , الاولى و التي تنص انه لو تساوى مستوى الظل للعامودين في الوقت نفسه فأن هذا سوف يدل على تسطح الارض , و الثانية و التي تنص على عدم تساوي مستوى الظل للعامودين في الوقت نفسه , حيث يكون مستوى ظل احد العامودين اطول بقليل من الاخر فهذا بالتالي سوف يدل على انحناء سطح الارض
عند إتمام هذه التجربة لاحظ إراتوستينس فورا بأن التجربة هذه توضح بل و تثبت بكل بساطة كروية الأرض , و لا ننسى بأن اول من ساهم في وضع فرضية كروية الأرض كان عالم الرياضيات فيثاغورس ثم تبناها ارسطو في فسلفته حتى اثبتها إراتوستينس في تجربته وفق المنهج العلمي , و كانت هذه التجربة بمثابة مدخل لحساب محيط الأرض بواسطة إراتوستينس نفسه .
كما و من خلال الملاحظات التي قام بها الكثير من العلماء مثل السير إسحاق نيوتن , غاليليو غاليلي , الحسن ابن الهيثم و أبو الريحان البيروني تأكدت من خلالها انطباق فكرة كروية الارض على بقية الكواكب .
مقالات ذات صلة : كم يبلغ عمر الارض؟ و على ماذا أستند العلماء في تقديره و حسابه؟
لكن لماذا شكل الأرضي كروي ؟ لماذا ليس مكعبا ؟ او مسطحا ؟
… بالاعتماد على نظريات السير إسحاق نيوتن , فان الشكل الكروي للأرض -و بقية الكواكب- هو نتيجة جاذبية الكوكب التي تضغط من كل جانب نحو المركز , لذا فلا يمكن الحصول على كوكب مكعب الشكل لان هذا سوف يعني وجود مناطق -الأطراف- تكون فيها قوة الجاذبية شبه معدومة .
و قد يظن البعض بأن كروية الأرض تعني ان شكلها عبارة عن كرة متناظرة و ملساء متساوية الأطراف و الابعاد , هذا ما ظنه الكثيرون قبل ان نعلم بأن قوة الجاذبية التي تؤثر على سطح الكوكب ليست متساوية في جميع الاتجاهات بل توجد اختلافات في مقدار قوة الجذب كما وضحته مهمة ناسا (GRACE)
حيث تبين ان شكل الارض ليس كرويا كما ذكرنا اعلاه , بل هو اقرب الى الشكل الاهليلجي (ellipsoid) , كما تبين مناطق تتفاوت فيها قوة الجاذبية كما موضح اعلاه -المناطق باللون الاحمر تكون عندها الجاذبية اشد من المناطق باللون الازرق- و نتيجة لذلك نلاحظ تسطح بسيط عند قطبي الارض و انتفاخ عند خط الاستواء , و يمكن القول ان السبب خلف عدم تساوي توزيع قوة شد الجاذبية و التي تجعل الكواكب غير منتظمة بشكل كروي هو بسبب دورانها حول نفسها بالاضافة الى دورانها حول نجومها كما و يجب الاخذ بالحسبان بان قوة الجاذبية و على الرغم من قوتها التي تسيطر بها على شكل الكواكب فهي القوة الأضعف من بين القوى الاربعة الأساسية في الكون و تنطبق هذه الملاحظة على جميع الكواكب المعروفة من الكون المرئي .
انشاء و ترجمة :
حسين التميمي
علي رضا
المصادر :
