122030005 827509931320209 7008037280998700707 n

النظرية العامة للنسبية

بعد ان قام البرت اينشتاين بنشر النظرية الخاصة للنسبية و التي ناقش بها علاقة الزمان بالمكان و نسبية رصد الحدث , ظهرت الحاجة الى ايجاد نظرية عامة تتضمن الجاذبية أي تدرس الحركة باطار مرجعي متسارع على عكس النسبية الخاصة و التي درست الحركة بأطر مرجعية ثابت , حيث تحتم ان تتضمن النظرية العامة للنسبية الجاذبية و التي تمثل احدى القوى الاربعة الاساسية في الكون اضافة لكون الجاذبية قوى ليس لها تأثير مجهري بل تأثيرها يكون ضمن الاجسام العملاقة في الفضاء .

نموذج نيوتن للجاذبية

لقد ساد نموذج اسحق نيوتن للجاذبية فترة طويلة من الزمن حتى بدايات القرن العشرين , و كان نيوتن قد انشأ نموذجا رياضيا لتفسير الجاذبية و الحركة و التي تضمن قوانين الحركة الثلاثة و قانون الجذب العام , لكن بما يخص الجاذبية فلقد نص قانون الجذب العام لنيوتن على ان الجاذبية هي قوة اتجاهية متبادلة بين جسمين يمتلكان كتلة و بينهما مسافة , و تتناسب طرديا مع الكتل و عكسيا مع مربع البعد بينهما و يكون بالصيغة الاتية :

اينشتاين و النظرية العامة للنسبية

قانون الجذب العام

لقد نجح نموذج اسحق نيوتن للجاذبية بتفسير اغلب الظواهر الفيزيائية , بأستثناء القليل منها حيث لم يكن بمقدور هذا النموذج بتفسير الشذوذ في حركة كوكب عطارد القريب من الشمس , و التي تزامن مع ظهور النسبية الخاصة في القرن العشرين و التي غيرت مفهوم الزمان و المكان و استحدثت مفهوم الحدث و كيفية رصده و التي جعلت مفهوم النسبية امرا مسلما به و الذي لم يتوفر في نموذج نيوتن , حينها علم العلماء انه لا  بد من ايجاد نظرية جديدة تستبدل نموذج اسحق نيوتن .

 نظرية البرت اينشتاين

بعد ان نشر البرت اينشتاين النظرية الخاصة للنسبية عمل بعدها على ايجاد نظرية عامة تفسر الحركة ضمن الاطر المرجعية المتسارعة و تعطي تفسيرا جديدا للجاذبية , سميت هذه النظرية ” بالنظرية العامة للنسبية ” تعرف هذه النظرية على انها نظرية قياسية تختص بالجاذبية و اساسها هو معادلات اينشتاين للمجال و التي هي عبارة عن معادلات تفاضلية جزئية غير خطية تصف العلاقة بين هندسة الزمكان – ذو الابعاد الاربعة – و زخم الطاقة في الزمكان  , حيث ان هذه المعادلة تربط بين هندسة الزمكان الرياضية مع توزيع المادة-الطاقة-الزخم و الشد في الزمكان , و بشكل اخص فهي تتعامل مع مناطق هندسية معينة من الزمكان و تربط بين انحناء هذه المنطقة -بفعل تأثير الكتلة- و بين توزيع الطاقة فيها بواسطة معادلة اينشتاين .

IMG 20200303 023102 861

معادلة اينشتاين

تتكون المعادلة من طرفين , الطرف الايسر و الذي يتضمن هندسة الزمكان اما الطرف الايمن فيمثل توزيع قيمة زخم الطاقة و الشد في الزمكان .

مع ظهور معادلة اينشتاين فلقد مثلت قانونا جديدا يتعامل مع الاجسام الضخمة وفق علاقات رياضية و هندسية , فأن واحدة من اهم مقومات هذه النظرية كانت بوجود نسيج الزمكان الذي ساعد على بلورة فكرة الجاذبية الجديدة , مثل نسيج الزمكان الوسيط النسبي المرن للنظرية و الذي من خلاله تم تفسير الجاذبية على انها الانحناء الذي يسببه الجسم بالزمكان بناءا على كتلته , فسوف تحدد جاذبية الجسم طبقا لكتلته و يمكن القول ان جاذبية جسم ما تتناسب طرديا مع الانحناء الذي يسببه للزمكان , و الجدير بالذكر ان هذا الاستنتاج كان بمثابة مفهوم علمي جديد لتفسير الجاذبية من وجهة نظر هندسية , فهي لم تكن كما ذكرت في نموذج نيوتن و الذي فسر الجاذبية على انها قوة اتجاهية متبادلة بين جسمين , بل في نموذج اينشتاين كانت الجاذبية اشبه بنتيجة لتأثير الكتلة في الزمكان .

1567215794430 ESA LISA
تأثير الكتلة بالزمكان

هذه النتيجة المهمة جعلت النسبية العامة تأخذ بعين الاعتبار الفرق بين الجاذبية و التعجيل , فأذا كانت الجاذبية هي نتيجة فماذا يكونن التعجيل اذا ؟ لقد ناقش اينشتاين هذه المسألة بقوله انه لو كنت في صندوق ما و انت على الارض فسوف تكون نتيجة رميك لكرة ما هي بالضبط نفس النتيجة اذا ما كنت في الفضاء متسارعا – قيمة التسارع هي 9.8 متر على الثانية تربيع – بأتجاه ما , لذا فأن التعجيل يعبر عنه في النسبية العامة على انه تاثير مشابه لتاثير مجال الجاذبية على الجسم , لذا فلا فرق بين الاجسام بالاطر الثابتة و الاجسام في الاطر المتسارعة  . و يشير اينشتاين الى ان تأثير مجال الجاذبية و التعجيل – السقوط الحر – متطابق , أي ان الاجسام كلها في حالة سقوط حر دائم , و يندرج هذا تحت مبدأ التكافؤ الذي نصه اينشتاين و الذي يشير الى تكافؤ الجاذبية و الكتل المتحركة بتعجيل ثابت استنادا الى قانون نيوتن الثاني للحركة :

قانون نيوتن الثاني للحركة بتعجيل      (القوة) = (الكتلة) . (التعجيل)

قانون نيوتن الثاني للحركة بتعجيل ارضي        (القوة) = (الكتلة) . (التعجيل الأرضي)

تكافؤ اينشتاين          (الكتلة التثاقلية) . (شدة المجال التثاقلي) = ( تعجيل) . (الكتلة)

800px Elevator gravity.svg

لا فرق بين النظام الثابت او المتحرك في التأثير على السقوط الحر

كان للنظرية العامة للنسبية نتائج عديدة مهمة احدثت ثورة في علم الفيزياء و غيرت مفاهيم كاملة , فأن احدى المفاهيم التي وجدتها النسبية العامة و التي تفسر علاقة الجاذبية بالضوء تنص على ان الكتل الكبيرة قادرة على ان تجعل شعاع ضوئي يمر بجانبها ان ينحني بفعل جاذبية الكتلة , الشمس مثالا و التي تمتلك كتلة ضخمة جدا , فأنها تجعل ضوء النجوم ينحني عند المرور بجوارها و الذي سوف يكون مفيدا في رصد النجوم الأصغر و التي تقبع خلف شمسنا العملاقة و هذا ما تم اثباته اثناء كسوف الشمس سنة 1919 ,إضافة الى ان هذا الانحناء يولد تباطؤا في الزمن المستغرق لسفر شعاع الضوء هذا , حيث تسمى هذه الظاهرة بتباطؤ الزمن التثاقلي .

Schematic illustration of light deflection by the Sun

العلاقة بين جاذبية الكتلة و شعاع الضوء

كما ان واحدة من النتائج المهمة كانت بخصوص الموجات التثاقلية , تنبأ اينشتاين بها و كانت عبارة عن موجات تتولد بفعل ظاهرة كونية نادرة و التي تنص على ان نسيج الزمكان قادر على نقل موجات الجاذبية خلال نسيجه , تم اثبات هذه الظاهرة الكونية في 2017 , إضافة الى تنبؤ معادلات النسبية الرياضية بوجود ثغور في نسيج الزمكان و التي سميت بالثقوب السوداء , كانت هذه الثقوب موجود على الورق فقط حتى عام 2019 عندما تم رصد ثقب اسود لأول مرة منذ اكتشافه .

لكن تظل النتيجة التي حسمت في وقتها صحة النظرية العامة للنسبية هي حل مشكلة مدار كوكب عطارد , و التي أعطت النظرية العامة للنسبية تفسيرا لها على ان مدار الكواكب يخضع لموجات جاذبية مرتبطة بنسبية الحركة الصادرة من النجم – الشمس – , حيث ان مدار الكوكب حول نجم ما لا يكون على شكل قطع ناقص كما في نموذج إسحاق نيوتن , بل يكون شكل المدار اشبه بشكل سلسلة من المنحنيات حول النجم , حيث ان أي نظام مداري يحتوي على كوكب مركز و كوكب تابع فسوف يولد هذا النظام موجات من الجاذبية و بالتالي سوف يخسر طاقة و بناءا على فقدان الطاقة هذا فأن المسافة بين الجسمين سوف تقل تدريجيا على المدى البعيد , لكن لو كان النظام المداري يتكون من نجمين فسوف يكون تأثير اضمحلال المدار قليلا جدا ذلك لان طاقة النجوم تكون على شكل اشعاع تثاقلي كما في النجوم النيوترونية .

800px Relativistic precession.svg

المنحني الأحمر يمثل المدار في نموذج إسحاق نيوتن

المنحني الأزرق يمثل المدار في نموذج البرت اينشتاين

انشاء و ترجمة و تحرير : حسين التميمي

المصادر :

المصدر 1

المصدر 2

المصدر 3

المصدر 4

المصدر 5

المصدر 6

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top