وهو فرع من علم الاجتماع والجغرافية البشرية يقوم على دراسة علمية لخصائص الانسان، يتناول الباحثون سلوك الاجيال. و في هذا المقال سوف يكون التركيز على ما يسمى جيل (Z) فقط.
من هم؟ ما اهم سماتهم؟ ماهي معاناتهم؟ ولماذا يعتبر جيل Z تحدياً امام الاهل من الاجيال السابقة؟
جيل Z هم مواليد (1996 – 2015 وان كانت النهاية غير محددة بدقة لان الافراد الحاليين لا زالو صغار ولم تظهر صفاتهم الشخصية واهتماماتهم مما يكون من الصعب دراسة سلوكهم و التنبوء به. )
ابرز سمات جيل Z
انهم اكثر اهتماماً وشغفاً بالتكنولوجيا وتطبيقاتها، خصوصا في مجال التواصل الاجتماعي والعاب الفيديو. مع ان الافراط في استخدام هذه المنصات يؤدي إلى تشتيت المخ بين مهام متعددة، وهو ما ينعكس سلبًا على الصحة العقلية والقدرة على الإدراك والانتباه، وقد يتطور الأمر إلى الإصابة بالاكتئاب وسوء الحالة المزاجية
مخطط يوضح الصحة العقلية لجيل Z مقارنةً بالاجيال الاخرى.
وهذا ما اظهرته دراسة في بريطانيا ان الاغلبية من مراهقي وشباب جيل Z يعانون اليأس والاحباط
مما يعمق الشعور بان حياتهم بلا معنى او هدف، وفشلهم في الاستمتاع بأفضل سنوات العمر لاسباب كثيرة اغلبها مالية
اما عن الولايات المتحدة فقد اظهرت معظم الابحاث التي اجريت على جيل Z انهم اقل انغماساً في الملذات واكثر تحضراً في سلوكياتهم لكنهم الجيل الاكثر وحدة على الاطلاق، وعن اسباب الوحدة فقد أوردت الدراسة أن متابعة منصات متعددة يخلق تصورًا غير واقعي عند المستخدم؛ إذ يوحي بأن الآخرين ينعمون بأوضاع معيشية أفضل وأسعد، وهو ما يسبب شعورًا بالانعزال فالاعتماد على هذه المواقع كبديل يؤدي إلى أن يفقد الإنسان علاقاته على أرض الواقع فينعزل ويعتمد على علاقات افتراضية مضللة مما يعمق شعوره بالوحدة اكثر فاكثر
بالاضافة الى التوتر والاحباط
والاحباطهو السمة الغالبة على جيل Z باختلاف مناطق سكناهم فما هو الاحباط؟
والاحباط يعني مجموعة من مشاعر مؤلمة تنتج عن وجود عائق يحول دون اشباع حاجة من الحاجات او معالجة مشكلة من المشكلات لدى الشخص.
ويتمثل بحزن عميق، فقدان الاهتمام باي نشاط وفقدان للحيوية وانفعال مفرط فالمحبط لا يعير اهمية لاي امر بسبب شعوره بنفاذ جميع الوسائل لديه
ان الشعور بالاحباط والكئابة يعود لسبب دقيق وهو إنطلاق إثنين من النواقل العصبية في الدماغ في نفس الوقت وهما الغلوتامات و GABA (حمض الغاما امينوبيتريك) فأحدها يعزّز الشعور بالإيجابية والآخر يثبّط ذلك الشعور. حيث تحدد نسبة هذين الناقلين درجة خيبة الأمل التي يشعر بها الفرد، فهما يتحرّران في نفس الوقت من منطقة صغيرة توجد في الدماغ تُدعى بالعِنان الوحشي Lateral Habenula (هي بنية تشريحية تشبه لجام الفرس.يستقبل العِنان من الدماغ النواقل العصبية عبر خط النخاع وتخرجه إلى عدّة مناطق في الدماغ البيني ومنها هرمونات السيرتونين والميلاتونين والنورأبيفرين أو الأدرينالين) وعندما تتغير نسب بعض هذه النواقل مع بعض الهرمونات يتولد الاحباط والشعور بخيبة الامل فالامر مرتبط بأنخفاض مستوى إفرازهن
* ولا بد من الإشارة هنا أن الشعور بالاحباط لا يمكن اعتباره أمراً عادياً وأهماله، لأنه أن استمر طويلاً أو تكرر حدوثه يمكن أن يسبب أختلاطات ومضاعفات قد تصيب الأوعية الدموية وحتى القلب، أو الجهاز العصبي أو الجهاز الهضمي أو غير ذلك من أعضاء الجسم المختلفة.
وبالطبع فأن هنالك بعض العوامل الجانبية الاخرى التي قد تكون بيئية أو شخصية أو ظروف مادية أو اجتماعية يمكن أن تلعب دوراً مهماً في حدوث الاحباط وما ينجم عنه من تأثيرات حيوية ونفسية والتي يتعرض لها ما لا يقل عن 25% من الناس
فوفقا لمنظمة الصحة العالمية فان الاحباط سيعد قريبا السبب الثاني للمرض المشلّ للقدرات في ما يتعلّق بالتوقف عن العمل على المستوى العالمي.
ولنكن اكثر صراحة فيما تتعلق بموضوع الاحباط وتاثيره على حياة الفرد فهو يعد
إحدى أسباب الانتحار الرئيسة في العالم. إذ يرتفع خطر الانتحار لدى المحبط بنسبة 24 إلى 36 مرة اكثر من باقي السكان!
جيل Z ونسبة شعوره بالتوتر الذي يعتبر احد اسباب الانتحار بسبب الأخبار الوطنية
وعن منطقتنا العربية فلا يختلف جيل Z عن اقرانه في اوروبا وامريكا من حيث الاحساس بالاحباط والشعور بان حياتهم بلا معنى وتفاقم ذلك الظروف المعيشية التي تزداد صعوبة في اغلب البلدان العربية اضافة للعامل الاهم هو غياب حرية التعبير عن الرأي بشكل عام وليس فقط سياسياً، وتعد ابرز مظاهر التمرد على الاوضاع هي التطرف في الامور الدينية سواء اتجاه اعتناق افكار شديدة التطرف او الالحاد
فهذا الجيل ينبيء بثورة في عالم التسوق والتعلم والاستثمار والعمل وغيرها من المجالات ويقدمون لمحة عن مستقبل الاتصالات والبنوك بسبب اهتماماتهم واستعدادهم.
الا انهم يفكرون ويتصرفون بصورة مختلفة تماما عما سبقه وهذا يعد تحديا امام الاهل من الاجيال السابقة والمختلفة كليا الا ان هذه الصعوبات لا يمكن ان تكون عائق امام الاهل فالابوة والأمومة هي المحرك الرئيسي للمعتقدات المستقبلية والسلوكيات ووجهات النظر العالمية ، وهي تؤثر على كل شيء من المواقف حول العمل والتعليم إلى الديون والادخار.
ان اهمال طاقات جيل Z و محاولة منعهم و عدم فهم كيفية التعامل ادى الى ما نراه من فوضى ومحتوى عديم الفائدة، و تركهم يغرقون في بحر الاضطرابات النفسية والعقلية.
هذا الجيل الذي يبحث عن معنى لحياته و هدف وهو يتخبط في فوضى يشترك بها عالما باكمله، انهمله؟ بدلا من احتوائه؟
