تعددت الظواهر الفلكية في كوننا الشاسع والتي طالما كانت اغلبها لغزًا للعلماء لتفسيرها، حتى جاء ألبرت اينشتاين ليفسر ما عجز عنه غيره بل وتنبأ بوجود غيرها. ومن هذه الظواهر التي تنبأ بها اينشتاين هي عدسات الجاذبية، التي كانت نتيجةً لنموذجه للجاذبية التي تؤثر على الضوء ايضًا.
ما هي عدسات الجاذبية؟
عدسات الجاذبية (Gravitational lenses) هي ظاهرة فيزيائية فلكية تنبأ بها اينشتاين في نظرية النسبية، تحدث عندما يمر الضوء بجسم عالي الكتلة (وبالتالي عالي الجاذبية) مما يسبب اِنحناءً لمسار الضوء حول هذا الجسم. تنتج عن هذه الظاهرة صورة مكبرة، أو مشوهة لمصدر الضوء وربما تتشكل نسخ عديدة منها حسب قوة جاذبية الجسم الوسيط وبعده ومنظورنا نحن.
هذه الصورة هي تمثيل لما يحدث في ظاهرة عدسة الجاذبية. أشعة الضوء المنبعثة من المجرة البعيدة تتعرض للانحناء عن طريق العنقود الذي يقع في المنتصف قبل وصولها إلى المشاهد، مما يجعل الصورة المُشاهَدة مشوهة. لاحظ أن مقاسات هذه الصورة غير حقيقية.
شاهد ايضًا: النظرية العامة للنسبية
تعتبر عدسات الجاذبية واحدة من أقوى الدلائل على وجود المادة المظلمة (Dark matter) حيث يعتقد العلماء أن هنالك كتلة خفية تسبب تشوه في صورة المجرات والنجوم المجاورة وبالتالي رجح العلماء أن المادة المظلمة هي سبب هذه الظاهرة.
عدسات الجاذبية ممكن أن تحدث على المستوى الكبير (عناقيد-مجرات) أو على المستوى الصغير (نجوم-كواكب) حيث تسمى عدسات جاذبية ميكروية (Gravitational microlensing) ويعتبر هذا النوع أكثر حدوثًا في الكون، حيث أن عدد النجوم أكثر بكثير من عدد المجرات، وهناك عديد من الأمثلة لنجوم من مجرة درب التبانة تحني ضوء النجوم الأخرى في المجرات المجاورة.
محاكاة عدسات الجاذبية
أحد أكثر الاطروحات المثيرة للاهتمام في هذا الشأن هي المحاكاة التي نشرتها أحد مواقع تلسكوب هابل. المحاكاة عبارة عما يمكن أن نراه عندما تمر مجرة أم51 أو مجرة الدوامة (Whirlpool Galaxy)، إحدى المجرات المجاورة، خلف العنقود المجري الضخم ابيل 2477 أو عنقود باندورا (Pandora’s Cluster). تظهر في هذه المحاكاة ظاهرة عدسات الجاذبية التي تحدث لمجرة الدوامة عندما تمر خلف العنقود، حيث تظهر صورتها مشوهة ومضاعفة عند مرورها خلف منتصف عنقود باندورا. المحاكاة ليست واقعية تمامًا، حيث أن بعض. العوامل ليست دقيقة (كشدة ضوء مجرة الدوامة)، ولكنها تُبيِّن ما الذي يمكن أن نراه إذا ما تعرضت مجرة بعيدة لظاهرة عدسة الجاذبية بسبب عنقود مجري أقرب منها
[yotuwp type=”videos” id=”NN1MpRsVVQw” ]
المصادر:
- Schneider, P., Ehlers, J. and Falco, E., 1999. Gravitational lenses. Berlin: Springer.
- Schneider, P., Kochanek, C. and Wambsganss, J., n.d. Gravitational Lensing: Strong, Weak and Micro.
- Taylor, A., Dye, S., Broadhurst, T., Benitez, N. and van Kampen, E., 1998. Gravitational Lens Magnification and the Mass of Abell 1689. The Astrophysical Journal, 501(2), pp.539-553.
- Paczynski, B., 1986. Gravitational microlensing by the galactic halo. The Astrophysical Journal, 304, p.1.
- Refregier, A., 2003. Weak Gravitational Lensing by Large-Scale Structure. Annual Review of Astronomy and Astrophysics, 41(1), pp.645-668.
