Greenland icecore 01 large

اللب الجليدي وعلاقته باكتشاف التغير المناخي

اللب الجليدي أو نوى الجليد هو عينة أساسية يتم إزالتها عادةً من صفيحة جليدية أو جبل جليدي مرتفع نتيجة لتراكم الثلوج عبر الهطول السنوي ويكون بشكل اسطواني و يقسم في المختبر عادة الى مستطيلات رفيعة ويحيط اللب حلقات رفيعة كحلقات الشجر وايضا كل منها يضيف عاما الى عمر اللب المقدر فيحتوي لب الجليد على جليد يتكون على مدار سنوات من التكدس خلال الفترات او القرون الجليدية ويمكن أن تصل إلى أعماق تزيد عن ميلين وتحتوي على جليد يصل عمره إلى 800000 عام وسنبين في هذا المقال كيف يمكن ان يكون اللب جوابا عن أين يتجه التغير المناخي في العالم وكيف ابتدأ

ماذا نستفيد من اللب الجليدي ودوره في دراسة التغير المناخي ؟

هنالك عدة فوائد من دراسة وتحليل اللب الجليدي فبداية يقسم الانبوب الجليدي الى عينات تبلغ حجم كل منها بوصة واحدة فيخزن اللب الجليدي او الجليد بشكل عام فقاعات هواء مضغوط عبر الزمن غازات وغبار من بقايا البراكين وهو مرآة للغلاف الجوي في ال8000 سنة الماضية فيدرس الباحثون أحيانًا فقاعات هواء للغلاف الجوي المبكر محاصرة في الجليد أثناء تشكله فيقومون بسحق العينة اي بالغة الصغر من اللب الجليدي في اجهزة مفرغة من الهواء الحديث وإذابة الجليد وتمريره أدوات مختلفة – مطياف الكتلة ، ومجاهر المسح الإلكتروني ، وكروماتوغرافيا الغاز – للعثور على قطع صغيرة من الملوثات ، مثل الكبريتات ، أو آثار المعادن ، أو السقوط الإشعاعي ، أو الهباء الجوي الطبيعي مثل الغبار أو الرماد البركاني الذي يظهر واضحا عبر الحلقات الرمادية من اللب الجليدي ولأن كل دليل في الجليد ، سواء كان حبة ملح بحر أو فقاعة هواء يمكن ان يكون  دلالة على حصول تغير مناخي ومدى شدته وبعبارة اخرى القطعة المفقودة من الأحجية الزمنية فبعد تحليل ما يكفي من شرائح لب الجليد ، والتي قد تمثل كل منها في أي مكان من أسبوع إلى عام ، يمكن للباحث البحث عن أنماط لتتبع التغيرات في تكوين الغلاف الجوي ودرجة حرارته عبر استعمال النظائر الكيميائية للعناصر كنسبة الأكسجين “الخفيف” 16 إلى الأكسجين “الثقيل” 18 في العينة على سبيل المثال ، تكشف عن درجة الحرارة العالمية عندما تشكل الجليد اول مرة فتتبخر جزيئات الماء التي تحتوي على الأكسجين الخفيف بسهولة أكبر قليلاً من جزيئات الماء التي تحتوي على ذرة أكسجين ثقيلة في الوقت نفسه ، تتكثف جزيئات بخار الماء التي تحتوي على النوع الثقيل من الأكسجين بسهولة أكبر مما سيغير في عملية الذوبان والتجمد اي التغير المناخي الحاصل في تلك العصور و يعطي صورة شاملة عن الظروف المناخية في ذلك العصر وإن فحص الغازات المحبوسة في لب الجليد هو الطريقة التي توصل بها العلماء لأول مرة أن كمية ثاني أكسيد الكربون ودرجة الحرارة العالمية و ربطهما على الأقل بآخر مليون سنة من تاريخ الأرض وأثبتت الأبحاث عبر تحليل النظائر ان نسب الكربون المنتج حديثا وهو ان ارتفاع نسب الكربون 13الناتج عن حرق الاحفوريات وانخفاض نسبه الكربون 12 اي الكربون المنتج طبيعيا ان التغيير المناخي الحالي هو تحدي جديد فرضه الجنس البشري لا حدث طبيعي كما في القرون الماضية ويعتقد العلماء أن اللب الجليدي سيساعد في معرفة ما إذا كان الغطاء الجليدي الغربي للقارة القطبية الجنوبية قد ذاب قبل 125000 عام ، وهي المرة الأخيرة التي ارتفع فيها مناخ الأرض إلى درجات الحرارة التي يُتوقع أن يصل إليها الكوكب في القرنين المقبلين ووضع الخطط للتكيف والمكافحة ويتم ايضا قياس بعض العينات للحصول على الموصلية الكهربائية للثلج عن طريق تحريك قطبين بفرق جهد كهربائي يبلغ حوالي 1000 فولت على طول سطح الجليد. التيار الناتج فهو مقياس حموضة الجليد وكذلك نسب الكبريت والمعادن التي تشير إلى الانفجارات البركانية فاللب الجليدي هو مجلد ضخم يروي قصة الارض بدقة

لب جليدي يحتوي على بقايا غبار وملوثات قد تعود الى الاف السنين
قطعة من اللب الجليدي تظهر فيها واضحة بقايا من التراب والملوثات على الحلقات الرقيقة تعكس تغير مناخي قد يعود لالاف السنين

كيف يستخرج اللب الجليدي وهل يتأثر بالتغير المناخي ؟

يتم جمع اللب الجليدي عن طريق قطع اسطوانية معدنية تمتد إلى العمق المطلوب بشكل يسمح بسحبها إلى الأعلى بأقل قدر من الاحتكاك ويضمن توفير المساحة والجليد فالاستخراج المتكرر لمناطق معينة قد يؤدي إلى خطر اختفاء نوى بعض الفترات الزمنية فضلا عن اخطار الذوبان مع التغير المناخي
اما عملية الاستخراج فتتم عبر المثقاب هو اسطوانة ذات أضلاع معدنية حلزونية ملتفة الى الخارج وتتكون من جزئيين رئيسيين بئر الحفر والشفرات في نهاية الاسطوانة و يمكن تدوير المثاقب اليدوية بمقبض T أو مقبض دعامة ، ويمكن ربط بعضها بالمثاقب الكهربائية المحمولة باليد لتسريع الدوران. و بمساعدة الحامل ثلاثي القوائم لخفض ورفع البريمة يمكن استرداد النوى التي يصل عمقها إلى 50 مترًا ، ولكن الحد العملي هو حوالي 30 مترًا للمثاقب التي تعمل بمحرك وأقل للمثاقب اليدوية. تحت هذا العمق ، يتم استخدام المثاقب الكهروميكانيكية أو الحرارية لكن الاخيرة تحمل عيوب كثيرة قد تلحق الضرر بالعينة

احد العلماء يقوم بأستخراج اللب الجليدي من برميل الحفر
لب جليدي يتم سحبه في الموقع من برميل الحفر

و لا تقتصر العملية على الحفر بالانبوب فقط فخلال عمل الشفرات تتطاير رقاقات من الجليد تستوجب ازالتها للحفاظ على الكفاءة اللب الجليدي وجودة عملية الحفر فالحل لازالتها إما بضغطها على الجدران أي باستخدام دوران الهواء ويعرف بالحفر الجاف لكن الطريقة الأكثر شيوعا والأكثر فاعلية هي الحفر الرطب وحيث يتم تمرير سوائل تختار بعناية لموازنة الضغط وازالة الرقاقات ومن مواصفات السائل لزوجة حركية منخفضة لتقليل الوقت اللازم لسحب الأنبوب وايضا ليلوث السائل الجليد بأقل قدر ممكن و ذا سمية منخفضة ،من أجل سلامة الباحثين والعينة وتقليل التأثير على البيئة
.هناك ثلاثة أنواع رئيسية من سوائل حفر الجليد: سوائل مكونة من عنصرين تعتمد على منتجات تشبه الكيروسين ممزوجة بمركبات الفلوروكربون لزيادة الكثافة ؛ مركبات الكحول ، بما في ذلك محاليل الإيثيلين جلايكول المائية والإيثانول ؛ والإسترات اي الاملاح العضوية ومنها انشقت سوائل أحدث ، بما في ذلك السوائل الجديدة القائمة على الإستر ، والزيوت منخفضة الوزن الجزيئي ثنائي ميثيل السيلوكسان ، وإسترات الأحماض الدهنية ، والسوائل القائمة على الكيروسين الممزوجة بعوامل توسيع الرغوة وبعد الانتهاء من الحفر يسحب العمود وتبدأ المرحلة التالية بأزالة العينة من برميل الحفر ووضعها على السطح وتنظيفها من سائل الحفر ان استعمل مع ضرورة محاذاة السطح الذي يستقبل اللب بأكبر قدر ممكن من الدقة لتقليل الضغط الميكانيكي على اللب لانه يمكن أن ينكسر بسهولة. يتم الاحتفاظ به بدرجة حرارة أقل من درجة التجمد لتجنب الصدمة الحرارية . وبالتأكيد تاثرت عمليات استخراج اللب الجليدي بسبب التغير المناخي بسبب ذوبان وخطورة الوصول الى بعض الاماكن من الجبال الجليدية التي بدأت بالفعل بالانشقاق والذوبان وبالتاكيد ان التغير المناخي الحالي والسابق يؤدي الى ذوبان الجليد وربما تغيير في دقة المعلومات كالفترة الزمنية مثلا او حتى ذوبان اماكن الحفر

تمرير اللب الجليدي بحذر لتبدأ عملية التقطيع والخزن
خزن اللب الجليدي في كهوف اسفل الجليد للحفاظ على درجة الحرارة

كيف واين يخزن اللب الجليدي؟

يتم الاحتفاظ بسجل يحتوي على معلومات حول اللب الجليدي ، بما في ذلك طوله والعمق الذي تم استرداده منه  والسنين التي يشير اليها ، و يتم تقطيعه إلى أقسام أقصر خمسة قطع، والطول القياسي لكل قسم في الولايات المتحدة هو متر واحد. ليتم بعد ذلك تخزين النوى في الموقع ، عادةً في مساحة أقل من مستوى الثلج لتبسيط الحفاظ على درجة الحرارة ، على الرغم من إمكانية استخدام تبريد إضافي. إذا كان لا بد من إزالة المزيد من سائل الحفر ، فقد يتم نفخ الهواء فوق اللب . يتم أخذ أي عينات مطلوبة للتحليل الأولي. يتم بعد ذلك تعبئة اللب ، غالبًا في بوليثين وتخزينه للشحن هناك العديد من المواقع حول العالم التي تخزن لب الجليد ، مثل المختبر الوطني للجليد في الولايات المتحدة. تتيح هذه المواقع عينات للاختبار و يتم أرشفة جزء كبير من كل نواة لتحليلها في المستقبل
يتم تخزين اللب الجليدي في كهف ثلجي محفور على عمق حوالي 2-3 أمتار تحت السطح ، ويتم إدخال القنوات في الكهف لتدوير الهواء عبر وحدة الفريزر. بهذه الطريقة ، يمكننا الحفاظ على النوى عند درجة حرارة -23 درجة مئوية تقريبًا وعند التعامل مع اللب توجد ضوابط خاصة من حيث عدد القفازات والبدلات فحتى بصمة الأصبع يمكن أن تتلف الأدلة

مخازن لللب الجليدي في انتراكتكا
اللب الجليدي في مخازن انتراكتكا اسفل الارض لحمايتها من التقلبات الجوية والتغير المناخي 

فختاما إن الجليد هو جزء من تاريخ الأرض وحاضرها فالتغير المناخي لا يهدد حياة البشر فحسب بل ارثهم الثلجي ويحد من قدراتهم على نبش احداث الماضي للحصول على الحلول التي تهدد الحاضر

المصادر
ice core drilling
more about ice cores

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Scroll to Top